والزبادي ذنبه ايه؟؟



فيه مثل شعبي بيقول “اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي”، والمثل ده ديماً بيتقال في المواقف اللي حد خانك أو ضايقك أو سببلك آذى معين. فأول مايحصلك حدث مشابه فتلاقي اللمبة الحمرا في دماغك نورت على طول عشان تاخد حذرك بطريقة تحميك لأن ضربتين في الراس توجع.

يعني لما فلان يعمل كذا وقبل ماترد عليه تلاقي اللاواعي عمل بحث تلقائي جواه عن الرد المناسب اللي سبق وكونه من مواقف مشابه.
العالم الأمريكي "توماس كون" أول من استخدم مصطلح "Paradigm" “بارادايم”، وعرفه بإنه عبارة عن مجموعة الأفكار والمعتقدات والانطباعات والبرمجة اللي بتشكل شخصية الإنسان من اول يوم في الولادة وساعات كمان قبلها. كتالوج خاص اتبرمج فيه المواقف المختلفة ورد الفعل المناسب لها.
الافكار والمعتقدات والبرمجة ده حصلنا عليها من الأهل والأصدقاء والمدرسة والمجتمع، واللي بناء عليها حنفسر كل شئ بيحصل حوالينا وحنتبع الأكشن المناسب.

في سنة اولى جامعة منى اتعرفت على أحمد اللي كان في سنة تالتة، ولأنها كانت لسه قليلة الخبرة ومش فاهمة الدنيا وطول عمرها ملهاش علاقة بالجنس الخشن، فكان أحمد بالنسبالها تجربة جديدة، شاب لذيذ وشهم وبيساعدها في تحصيل دروسها وبيعاملها بلطف وتمييز عن بقية زميلاتها.

منى رقيقة وذوق لكن اتربت من صغرها انه مفيش صداقة بين ولد وبنت لله كده، وان اي ولد حيقرب منك حيكون لغرض، قد يكون سئ وقد يكون طيب، فلما شافت احمد وشهامته ومساعدته ليها قعدت تفكر ياترى بيعمل كده ليه؟؟؟
نط الباراديم في صفحة العلاقات وبدء التفسير كالأتي:
هو شكله مؤدب يبقى اكيد غرضه طيب، وبما انه مفيش صداقة لله فأكيد معاملته ده لأنه معجب بيه، وبما أننا في سن مناسب وأن الجامعة فرصة البنت أنها تلاقي فارس احلامها، اذن حقبل بمشاعره (اللي هي شايفاها خاصة) على أمل انه يفتح معاها الموضوع ويتقدم رسمي (باراديم منى ظبطها).

أما أحمد فهو شاب كيوت ومؤدب وبيحب يساعد غيره، خاصة البنات، يمكن لأنه فعلا اتربى على كده وبيحب مساعدتهم كشهامه، وجايز لأن ده بيحققله مكاسب شخصية بينه وبين نفسه مش عشان عيون منى او غيرها، واختار منى لأنه حس انها محتاسه ومحتاجه للمساعدة، والله اعلم بنيته.

منى بقى عاشت في اللالاند، وبنت في الخيال قصور ملهاش مثال وقالت هو ده. لكن للأسف بعد سنة وشوية، وقعت منى على جدور رقبتها لما لقت أن أحمد عيونه من سلمى.
البنوته اللي لسه داخله سنة أولى. اكتشفت منى أن اللي كان بيعمله احمد معاها بيعمله مع سلمى، الشرح والمساعدة والمذكرات والوقت.
منى كدبت احاسيسها وقالت عادي، لكن مع الوقت اكتشفت تطور العلاقة بينهم واعترف لها بحبه والمصيبة أنه راح لمنى وحكالها انه بيحب سلمى (شوفتوا البراءة).

منى اتصدمت وسحبت نفسها بعيد وقطعت علاقتها بيه، حست انها اتخدعت وتعبت نفسياً كتير لأنها وثقت فيه، وكل ده وأحمد مش فاهمها بس خلاص هي حرة.
منى فقدت الثقة في كل حد يقرب منها. صحيح احمد معترفش لمنى بحاجه تلزمه، لكن اهتمامه الزايد بيها تفسيره في البراديم بتاعها انه “معجب بيكي” لأنه “مفيش علاقة صداقة بين ولد وبنت لله كده.

بعد ما منى فاءت من صدمتها كملت دراستها وخلصت الجامعة واشتغلت وشقت طريقها وبأت مهندسة أد الدنيا وناجحه جداً في شغلها، لكن حياتها الشخصية مش تمام، فكرتها عن الرجالة مش ولابد، وبأت بتنفخ أي حد تقابله، بتنفخ في أي زبادي تقابله، لأنها اتلسعت من الشوربة.
فأي حد يقرب منها ويحاول يقدم لها المساعدة وكلامه لطيف، على طول تسترجع ذكرياتها مع أحمد (الشوربة) وبرده تنفخه، وكم من فرص صادقة قابلتها كان (الزبادي) نفسه فعلاً يطلب ايدها.

ومن ساعتها منى بتمشي جنب الحيط، ولما حبت تتجوز اتجوزت جواز صالونات، وبرمجت بناتها على نفس برمجتها، مفيش صداقة بين ولد وبنت، واللي عايزك يدخل من الباب مش من الشباك، وغيره وغيره.

عفواً يامنى، الزبادي ملوش ذنب!!
مينفعش تجربة معينة مرينا بيها او سمعنا عنها، واتنسخت في براديم حياتنا تسيطر علينا وعلى اولادنا وتبقى مرجع لعلاقتنا. 
مشكلة البراديم أنه ديماً عايزك تكون صح، وحيوظف كل الأحداث والمواقف لمصلحته ووفقاً لتوقعاته وبرمجته السابقة. وده اللي حصل بين أحمد ومنى، بمجرد ماعاملها بلطف تصورت تصورات خاطئة ولما متحققش توقعاتها، ظلمته وظلمت نفسها، وكملت بنفس البراديم مع اولادها.

فكر خارج الصندوق، الكون مليان بالفرص والتجارب والفشل والنجاح، ومن وحي تجربتك اكتسب خبرتك، مش من تجارب من حولك، لأن لكل واحد منهم “باراديم” أو “كتالوج لاواعي” خاص بيه وبيوجهه. 
ررد بصوت عالي “لن اعيش في باراديم أبي”، انقذ نفسك واولادك وتحرر من كل الأفكار والمعتقدات البالية.


تعليقات