ريان والدرس المستفاد


رغم تكرار الحوادث الفردية والجماعية كل يوم .. ورغم المعاناة المستمرة في انحاء الكرة الارضية دون تحريك ساكن او مبالاة يأتي الطفل #ريان ذو الخمس سنوات يوحد العالم كله بمختلف طوائفه واهتماماته لمدة خمسة ايام دعاء وصلاة وهشتاجات ومشاركات دولية من قبل الدول لانقاذ طفل واحد.

فما هي رسالته؟

لا شئ في الكون يحدث صدفة .. كل شئ بقدر ولدرس .. قصة ريان مقدّر لها من الله عز وجل أن تنال كل هذا الاهتمام

ورغم وفاته التي احزنتنا جميعاً .. الا اني اشعر انه جاء ل درس ولابد لنا جميعاً ان نعتبر ونتعظ منه
طفل خمس سنوات يسقط في قاع مظلم موحش بارد بعيداً عن حضن ابويه واخوته واصحابه .. دون طعام او غطاء او حتى اكسجين نقي .. حتى لو ارسل له الغذاء فكيف له أن يأكل في ظل هذا الجو الموحش ؟؟!!
وكل هذه الإمكانيات والتكنولوجيا لم تستطع لمدة خمسة أيام أن تسيطر على الوضع .. نعم الطبيعة أقوى وفرضت نفسها وفشلت المحاولات!!

ماذا تريدنا ان نتعلمه يالله من أحداث هذا الطفل البرئ؟؟ لماذا مر بكل هذاالصعوبات رغم صغر سنه وقلة حيلته وبراءته وقلبه الرقيق؟؟ لماذا وضعت الأمل في قلوب الملايين؟؟ لماذا فشلت كل المحاولات رغم كثرتها وعظمتها المادية؟؟

ماهي الرسالة وما هو الدرس المستفاد؟؟!!

وعيّ للرسالة غير وعيك لها .. دروسي المستفادة غير دروسك .. كل واحد منا سيفهم منها دروس مختلفه .. سيشعر جهة نفسه بمشاعر مختلفه واكرر جهة نفسه .. لان انعكاساتنا جهة أي حدث تختلف حسب طبيعة دواخلنا وقناعتنا ومدى ظلمة النفس أو اتزانها

عندما رأيت صورة الطفل ريان شعرت بالحزن .. لا ادري لماذا تخيلت الطفل الداخلي في اعماق نفسي يرسل لي رسالة صامته تحمل في طياتها الكثير والكثير من المعاني .. شعرت بحاجتي للجلوس مع ذاتي .. التحدث مع نفسي .. ماذا بعد؟؟ لماذا؟؟ إلى أين؟؟

ظل ريان صامداً لمدة خمسة أيام لكي يرسل رسالة للكون والبشر للتوحد على طاقة العطف والاحساس والمشاعر .. ربما كانت الأرض في حاجة لهذه الطاقة لتعيد اتزانها من جديد .. وربما نحن من يحتاجها جهة ذواتنا .. نحتاج أن نتعاطف مع ارواحنا .. نتحد مع الفطرة التي خلقنا عليها والتي تاهت في غيابات الجّب!!

فمع تعدد ذكر الموت والحوادث والأحداث اصيبت القلوب بالجفاء .. نستقبل الاخبار وكأنها العادي والمعتاد .. يمر الموت عادي .. اوك .. ونقوم ونكمل دوران في المتاهة !!

ربما رسالة للتعامل مع ظلمة النفس وقهر المشاعر وتجاهل الروح .. اصبح التفكّر فيما يجري من اخر الاشياء التي نقوم بها .. ربما اعتياد ولّد تبلد للمشاعر .. او تجاهل لأنه يحاكي نفس السيناريو بداخلنا .. او خوف من المواجهة مع ظلمات النفس .. وأي شئ يبعدنا عن المواجهة نتحد معه دون وعي

انوي بقلبي أن لا يمر هذا الحدث مرور الكرام مع انفسنا .. اجتمعنا جميعاً على التعاطف مع هذا الطفل البرئ .. وهناك رسالة مختلفة لكل منا .. وبداخلنا الجواب .. انظر بداخلك .. ابحث عن الطفل الحبيس في ظلماتك الداخلية .. صدماتك ومشاعرك المكبوته .. هروبك عن الروح والفطرة وانغماسك في الحياة مشتتاً دون وعي .. الانعزال عن العواطف والحب والتفكّر .. توهانك في متاهات نفسك وخوفك .. إلخ

تعاطفوا مع انفسكم كما تعاطفتكم مع ريان .. ابحثوا بداخلكم عما يعيقكم عن الحياة .. ارواحنا عالقة بين كثير من المشتتات دون اخذ راحة للنظر داخلنا .. دون الاهتمام بما يؤلمنا .. حبسنا الطفل بداخلنا .. تجاهلناه وبالكاد نمده بالطعام والشراب والقليل من الهواء وعندها بدءت المعاناة!!

لا شبع ولا اكتفاء .. لا راحة ولا رضا ولا سلام نفسي ولا طعم للسعادة .. لماذا؟!

ربما وحدة ريان وانطوائه وحيداً في قاع البئر يعبر عن رسالتنا المفقودة .. التائهة بداخلنا .. المتجاهلة من الروح .. عن المعنى من الوجود .. عن التعاطف والمودة واللهث وراء المفقود .. عن حب الموجود وتقدير المتاح .. متى أخر مرة شعرتم بالاكتفاء؟؟!!

خذوا وقتكم واستشعروا الحزن بداخلكم .. افهموا الرسالة من هذا الحدث .. رسالتك غير رسالتي .. لان حياتك غير حياتي .. دروسك غير دروسي .. ولكن كلنا يحتاج لفهمها!!

المهم الوصول لعمق الذات واستخلاص العبرة والتصالح مع وجودك في هذه الحياة .. تقدير كل الهبات والامكانيات مادية أو معنوية .. تقدير الآخرين .. العطاء .. الحكمة .. الانصات .. العطف .. إلخ

حتى الضعف والخوف يستحق منك الاعتراف به وتقديره فهو طاقة تستنفذنا إن تجاهلناها!

رسالة ريان ليست حدث وانتهى .. ولكنها سلسلة من الأحداث العميقة والدروس المستفادة ..

ليس المقصود البكاء والعيش في الحزن .. او التجاهل وتزكية الهروب وتبلد المشاعر ..

ولكن توقف قليلاً عن الجري واللهث .. انصت لداخلك .. هناك بئر عميق يستهلك طاقتك لأنك لا تعي له

كن مراقباً صادقاً لذاتك تفّهم الدرس ولا تجعله يمر كغيره دون وعي

رحمة الله على هذا الملاك البرئ والصبر والسلوان لأهله والعالم اجميعن

samaakamal@gmai
l.com

تعليقات